لهم وتبادلهم الأفكار معهم في المجالس والمجامع ووجود الدوائر القنصلية محترمة محفوظة آمنة من كل ما يشوش الفكر أو يوجب القلق ووجود العساكر الانكليزية في الحصون والقلاع والطرقات لا يعارضهم معارض ولا يتجزأ عليهم أحد أدلة قاطعة على عدم صحة تلك الأراجيف وبراهين قوية على أن المصريين ما مسوا الأمن العام بقول أو فعل يغايره ولا غيروا سيرهم الذي مشوا عليه في معاملة الأجانب من مائة سنة مضت. ومن أكبر الأدلة على أن هذا الأرجاف لا حقيقة له وجود بقال أجنبي في خمارته بقرية من قرى الريف لا مسيحي فيها غيره ولا عسكر يحميه ممن يصول عليه ولا قنصل يدافع عنه ومع ذلك فإنه مختلط بأهل القرى سهران معهم متردد على بيوتهم آمن على نفسه وماله أحسن ما يكون في أثينا وغيرها لا يصحب الواحد منهم خادم ولا معه سلاح ومع ذلك لا يتعرض إليه أحد ولا ينافره بسبب ولا يضيع له قرض بل يمشي مكرماً محترماً يخدع الفلاح ويغشه ويمكر به وهو يكاد يحمله على رأسه إكراماً.
وهذه حقائق لا ينكرها الأبله ولا يتجهلها المعتوه. وليست أوروبا غافلة عن هذه الأحوال ولا جاهلة ما نحن عليه فإنها تعلم أحوالنا الكلية والجزئية وتعمل الموجب لهذه الأراجيف التي لا وجود لها ولا يعترف بوجودها إلا أضداد المصريين الذين شوشو الأفكار الانكليزية بمفترياتهم وأوهموهم بما اشغلوهم به من الأكاذيب وعكس الأقوال بترجمة كلام المصريين بضد مرادهم تنفيراً للانكليز وتهيئاً للفتنة وإلا فإن الحال تكذبهم بعد تصديق أوروبا على