المنحدرات فعقدوا الجمعيات الدينية والعلمية والصناعية والتجارية والزراعية والسياسية وأخذ كل فريق في إحسان ما كلف به نفسه وأوجبه عليه مجاراة جاره في الملك ومباراة نظيره في العلم أو العمل ومسابقة غيره ممن قصدوا قصده فاشتغلوا بما اشتغل به. وقد بلغوا القصد في بلادهم وخرجوا من بلادهم محمولين على قوتي الدين والملك سائرين على نور العلم والصناعة فدخلوا الأقطار الشرقية سائحين ومتجرين واستوطنوها مراقبين ومتغلبين وجرائدهم الكثيرة العدد برزت تتسابق في ميادين الإنشاء بمواضيع مبتكرة ومقالات مطولة وعبارات مزينة فأصبحت ناقلة للأخبار ناشرة للآداب معلمة للعلوم مؤيدة للمبادئ حاثة على المقاصد منشطة للهمم مرشدة للأمم منبهة على الأغاليط محذرة من التقاعد والتكاسل والغفلة عن وثبة الجار أو معاكسة المتاخم ناشرة للفضائل مؤرخة لرجال الفضل والعمل وحافظة لسير الملوك داعية أفراد الأمم إلى ما فيه خير البلاد وتأييد الدين خادعة للشرقيين لاعبة بأفكار رجالهم خاتلة لعظمائهم مقبحة لما هم عليه من دين وسير ومعيشة وانتماء وصناعة وتجارة وزراعة منادية بينهم بأن الغرب محل التشريع ومنبع العلم ومرجع الفضائل لا حياة للأمم إلا بما تأخذه عنه ولا مجد لمن لم ينتم إليه ولا فضل لمن لم يتعلم فيه ولا شرف لمن لم يتكلم بلسانه ويتعبد بعبادته ويتقيد بعاداته، هذه كليات تحتاج لبيان جزئياتها التي لا تحتاج لبرهان بعد ظهورها للعيان ,
قالت أوروبا أنكم متوحشون لكونكم لا تحسنون صنع الأثاث واللباس وأنكم في حاجة إلى مصنوعنا ولا تصلون إليه إلا بعقد المعاهدات التجارية