وعدوا تشخيصهم الأحوال أموراً مضحكة وانصرفوا عن العظة بها والاعتبار بما فيها فكان ابن رابية في مصر يمثل أحوال الحكام وأخذهم الناس للسخرة في الحبال والحديد وقتل الرجل على عشرين فضة وشنق آخر يغضب المدير أو المأمور ونهب المزارع والماشية وإصدار الأحكام بحسب ما يتصور لحاكم الخط فضلاً عن المأمور وفضلاً عن المدير كما يمثل أحوال من تغاضوا عن بيوتهم وأهملوا المحافظة على أعراضهم وائتمنوا الخدم والمماليك فرأوا ما ساءهم وغير ذلك ولكن كانت فائدته عندنا أن نضحك عليه وكذلك خلبوص العرب إلى الآن يمثل وقائعهم وما جرى بين القبائل من ظفر وخذلان وحط وارتحال. فهو فن قديم أخذه الأوروبيون عن العرب عند مخالطتهم لهم في الأندلس والشام ولكنهم هذبوه وبنوه على تمثيل الوقائع الشهيرة التي لها وقع في التهذيب والتأديب وطهروه من كل ما يخل بالآداب العامة فلا تستحي الأنثى من حضور مجلسه ولا يأنف الأمير من تلك المواضيع وما زالوا به تنقيحاً وتحريراً حتى صبروه أحسن فن تميل النفوس إليه للتهذيب والترويح وكتبوا فيه الروايات الكثيرة بين حاصلة ومصوَّرة واعتنى به علماؤهم ومهذبوهم وقام به شراذم من أدبائهم ونبهائهم وبنيت له المباني العظيمة وصارت مجامع الأمراء والفضلاء والأعيان وقد أخذه الآن بصورته الأخيرة جماعة من الشرقيين منهم من أحسنه ومنهم من بقى تحت التمرين فكان من المحسنين الفريق (الجوق) الشرقي المكوّن من المجيد الماهر الشيخ سلامة حجازي ومعه المحسن أحمد أبو العدل والمتقن حسين الأنيابي وجماعة من الشرقيين يصحبهم ثلاث صفحات شرقيات لم يفتهن