مجله الاستاذ (صفحة 500)

أن السائحين والمكتشفين لم يدخلوا جميع الأراضي والجبال الشمالية حتى يقال أنهم ساحوا الدنيا قطعة قطعة فإنهم إلى الآن يكتشفون جهات إفريقية يزعمون أنهم أول من وصل إليها مع رؤيتهم آثار العرب والفتح الإسلامي فيها ولم يفرغوا من جوب افريقية مع سهولة السير فيها عن الجهات الشمالية فكيف نثق بخبر قبودان بجري أو تائه في إقليم أو جبل ونحكم بصحته ونكذب به كتاباً مقدساً عند أكثر من ثلثمائة مليون من الناس على أننا كثيراً ما نراهما إذا سئلا عن

أمر ديني قالا في الجواب أن الجواب يمس الأديان ولا يذكرانه تحاشياً مما يحرك القلوب ويوقع النفرة بين أصحاب الأديان وبينهما فهلاَّ أغفلا هذا الجواب على فرض وجود حجة يدفعان بها النص القرآني أو القصة التاريخية إذ ليس في القصة أكثر من شكوى أُمة من إفساد أمة حيل بينهما بسد مضيق بين جبلين ولا يمكن القطع بأن المكتشفين دخلوا مضايق الجبال كلها وعلموا ما فيها على أن السائح المار بمصر مثلاً إنما يمر من إسكندرية إلى أسوان على خط مستقيم ثم يكتب عنها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بالسماع أو الظنون فإن جوب كل إقليم سهلاً وجبلاً معموراً وخراباً يستدعي قروناً طويلة لا عمر رجل يسوح عاماً أو عامين أو أكثر فعلى الفاضلين أن يحفظا قلمهما من الدخول في مثل هذا المضيق الذي ربما جر المسلمين للتعرض لكتب غيرهم رضيت الأمم المغايرة أو غضبت وهذا باب لا يفتحه مسلم وإن كان المسيحيون قد فتحوه في أوروبا من عهد بعيد وملأُوا خزائن كتبهم بالرسائل الدينية الطاعنة في الدين الإسلامي بل طالما خطب رنان وأمثاله بسبب الدين الإسلامي ورميه بما هو منه بريءٌ ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015