تلك القضية. إذ لم يكن الجنون أمراً مهماً يا إخوان. فلأي شيءٍ خلق البيمارستان. فلا شك أن علينا مدار عمار الكون. وبين العمار والخراب بون. يقولون السكارى أحوالهم خطيرة. وأعمارهم قصيرة. يشيبون في أبَّان الشبان. من شرب الهباب. ولعلهم لم يعلموا أن المشيب وقار. يكتسب من أشعة العقار. فنحن على الدوام. نحن إليها. ومن يرجع الدنيا يبكي عليها.
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... ما لذة العيش إلا للجانين
وقال جدنا أبو نواس في تعاطي الكأس.
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ... ولا تسقني سراً إذا أمكن الجهر
وقالت جدتنا حبطرش في شرح حبرشني يا حبرش المحب أعمى وأطرش فنحن لا يؤثر فينا الكلام ولو رمينا منه بسهام الملام. ومن العجب أن الأُستاذ العظيم السيد عبد الله أفندي نديم لما حرر الجريدة نزل علينا بالجريدة ولما كان أغلبنا وأكثرنا يشربها تقليداً أثرت فيها المواعظ فاتخذوا التوبة أمراً جديداً وخافوا تواتر الزواجر لأنهم لم يكونوا من العصاة الفواجر وأما نحن معشر العصاة فما تركناها تائبين بل لقلة وجود إخواننا السكيرين فلذلك
رفضنا حالة طنطا واتخذنا غيرها بالسنطة لكثرة من عصي ولم تؤَثر فيه العصابل ربما ازداد حرصاً على حرصه الحريص على حد كثرة الضرب تعلم الحمير التقميص وعلى رأي سيدنا مجر العين لما تقحقح تبقى حجر يقولون إذا قام أحدكم يوم القيامة من نفقه كان الكأس معلقاً في عنقه ولو علموا أن جل إرادتنا ومعظم بغيتنا أن لا تنقطع عنا الكاس طرفة عين ولو بعد الحين لأنصفونا في هذه العبارة وغسلونا بماء الخمر ودفنونا في الخمارة ثم جلس هذا القبيح لكي يستريح.