باللغة العربية ولم يدركه تعب ولا نصب ولا جاع بل هو يرتزق بها ومع تعلمه كثيراً من اللغات الأجنبية لم تفده فائدة معاشية فأنه لو كتب كتباً أو جرائد بها ونشرها بين المصريين والسوريين ما اشتراها أحد لعدم معرفتهم تلك اللغة ولو أرسلها أوروبا لكسدت بما فيها من المؤلفات والكتب الجمة فلو لم نحمل كلامه على الهزل لكان بقاؤُه على ما كان عليه الأولون من التحرير والتعامل بالعربي ناقضاً لقوله أكلها العث وبدلتها المودة وشهرته بين أبناء العرب بالتأليف والفصاحة والفضل ما أوصله إليها إلا كتابته العربية، فاللغة العربية هي التي رفعت قدره بين قومه ولم يزل مجهولاً في البلاد التي تعلم لغة أهلها وإذا كانت اللغة رفعت شأنه لهذا الحد كانت دعواه حط الشأن بسبها دعوى مازح يتفكه بقلب المواضيع.
ثم قال بعد ذلك ((نعم أن في لغة الطفولية لذة ووطنية إلا أن الوطنية الحقة قائمة في المعاني لا في الألفاظ، أعني في صيانة حقوق الأفراد وأحكام العدل والتسوية والالتفات إلى الأمة ولغتها وعدم إعطاء خبز البنين لغيرهم، فإذا فعلت هيئتنا ذلك هان علينا كل شيء وإلا فأنت تضرب في حديد بارد)) ما أحلى هذه العبارة لو كانت مقصداً له وما تقدمها وسائل فإنه يعيب الحكومات الشرقية بأمرين الأول عدم صيانة الحقوق وأحكام العدل والتسوية وهذا اندفع بهيئة المحاكم الجديدة وتغيير صور الأحكام والإدارات إلى ما ترضاهُ أوروبا فضلاً عن غيرها والثاني عدم الالتفات إلى الأمة ولغتها وعدما إعطاء خبز البنين
إلى غيرهم ونحن نوافقه على ذلك فإن نقل التعليم من لغة البلاد إلى لغة أجنبية نقل للتلميذ من الجنسية والدين معاً والعجب أن المصريين يبذلون لمعارفهم أموالهم التي