ما يؤاخذ به أو يلام عليه أو يوجب سقوطه من منصبه. وهذه الأماني وإن كنا لا نثق بالوصول إليها تماماً في عصرنا ولكننا إذا بدأنا بتأسيس المبادئ وتخصيص العصبيات وجرينا على ذلك الهوينا جاء من بعدنا على نظام لا يكلفه إلا القيام بما فيه. وهذه العصبيات والأحزاب لا يمكن تكوينها إلا من الوطنيين الذين دفنوا أجدادهم في البلاد فهم يخافون أن تطأ خيل الغرباء
تلك القبور الحافظة لعظام المجد الوطني والشرف الملكي ففي مثل بلاد الدولة العلية غير الممتازة تتكون من الترك والعرب والجركس والكرد والأرمن وفي مثل مراكش والجزائر وتونس تتكون من العرب والأفريقيين وفي مثل مصر تتكون من المسلمين والأقباط والإسرائليين وفي مثل طهران تتكون من الفرس والكرد وهكذا تتكون العصبيات من أهل كل وطن ويعقدون عزائمهم أولاً عقد إجماع على تقديس مناصب الملوك والأمراء ثم يبحثون فيمن يمشي بهم في طريق حفظ الملك أو الأمير من كل ما يمس أي حق من حقوقه المقدسة. ولا يفهم غبي من ذكر العصبيات والأحزاب أن المراد عصبيات إفساد أو أحزاب فتن وحروب فإن ذلك محض الجنون لأننا محاطون بدول أوروبا وإن كنا في قطعة شرقية وقد امتلأت بلاد الشرق وممالكه بالأوروبيين متجرين وسائحين ومعلمين وصناعاً ومع هذا الاختلاط القاضي بالمحافظة على الأمن والراحة فإن افتراق ممالك الشرق واختلاف كلمة معظم أهله يقضي عليهم بالعدول عن كل فتنة توقعهم في حرب أوربية لا يقدرون على اقتحام عقباتها لاتفاق ممالك أوروبا عليهم واختلاف ممالكهم الشرقية مع فقد المعدات والمواد الحربية