بمحاسبيه وطرد السابقين ووضع جماعته مكانهم فيفعلون فعلهم غير مبالين بسوء ما يرتكبونه لعلمهم ان المنتهى إلى من لا يسألهم عما يفعلون وبهذا ضاعت المصلحة الوطنية وتوزعت في الشهوات والأهواء وصرنا نعد العقلاء ثلاثة أو أربعة في الأستانة واثنين أو ثلاثة في مصر وإذا رأينا تخلخل وزارة أخذنا نهجس ونخمن فيمن يكون بعد الحاضر لعلمنا أنه لا يوجد من المرشحين المؤهلين لهذا المنصب إلا فلان وفلان وهما لم يربيا أحد مدة توليهما الأحكام حتى يخلف الواحد منهم آخر من مشربه فيسير بسيره ليتم عمله الذي كان مشتغلاً به وإنما كنا نرى هذا يشتغل بوضع اللوائح والنظامات وترتيب الأعمال والعمال وأحكام العلائق بين حكومته وغيرها ويسعى في توسيع التجارة والصناعة والزراعة بطرق سهلة وقبل أن يتمم عمله يعزل ويأتي غيره على هذه الطريقة. وبهذا السير اختلت ممالك الشرق وكثر فيها الفساد وتمكن الأجانب والدخلاء من الرؤساء الذين لم يربوا أحد من أهل بلادهم وخافوا من العقلاء من قومهم وظنوا أن استخدام الدخيل يقيهم فتنة الرعايا ويؤيد سطوتهم فيهم فأكثروا منهم فجاؤهم بالمصائب ولكننا إذا قابلنا أعمالهم
بأعمال رجال أوروبا وجدناهم في خطاءٍ عظيم وقد تحملوا مسؤولية أمم عظيمة بإهدارهم طرق الإصلاح. وإننا نرى الآن المشابهة سرت في رجال الشرق فأخذوا يحاكمون أوروبا فيما به يفرون من اسم الهمجية والتوحش وسعوا في جمع كلمتهم وعقد الجمعيات لفتح مدارس العلوم والصنائع وتهذيب النفوس وتعميم