الملكي. ولم يجر المجموع تحت حكم وزير يستعملهم آلة في تنفيذ آرائه بل اتخذ كل فريق رئيساً عاقاً مجرباً محنكاً وعلموا مبادئه وغاياته فصاروا أعضاداً ينصرونه ويؤيدونه وينادون به في الانتخابات وينبهونه على الأغاليط ويساعدونه على امتداد نفوذه المؤيد للدولة بكل ما يقدرون عليه وكل رئيس يربي رجالاً يخلفونه إذا انقضى دوره ويمدونه بآرائهم إذا قبض
على زمام الأحكام. وبهذه الوسائل المحكمة عظمت ثقة الملوك بالوزراء فأسندوا إليهم الأحكام موقنين أنهم يحافظون على الملك أعظم من محافظتهم لو استقلوا بالحكم والإدارة حتى أنهم لو عينوا سفيراً أو قنصلاً في جهة قالوا له أن سلفك وقف عند نقطة كذا الدولية فإذا لم تتمكن من التقدم عليها فاجتهد في محافظتك على ما وصلنا إليه بهمة غيرك. ولهذا لا ترى دولة أوربية تنقهر في الشرق أو في جهة أوربية إلا بقوة عظيمة مشكلة من مجموع دولي. وفي مقابل هذا الإتقان البديع مع علمنا بما عليه عصبيات أوروبا لم نزدد إلا تقهقراً بأعراض رجالنا الشرقيين عن تربية الخلف والأعضاد ونوم الأفراد تحت ردم الغفلة أو الخوف الوهمي فلا نسمع إلا عزل فلان وأسند أمر الوزارة إلى فلان في الآستانة أو طهران أو مصر أو مراكش أو تونس وإذا بحثنا في المعزول والمولّى رأينا كلا منهما لا يقول إلا رأيه ولا يعتمد إلا على قوته العاقلة وتدبيره الذي كثيراً ما يراه أحدهم صواباً وهو خطاء عظيم ونرى حول كل وزير ووال ومتصرف ومدير ومفتش ومأمور زمراً توسم بالمحاسب وهي أخلاط من الغوغاء والرعاع يستعملهم مع الجهل في الإدارات والوظائف فيعيشون في البلاد عيث الذئب في الغنم المهملة فإذا عزل أحدهم جاء الثاني