وتبيين مقاصد الرجال ومحاورات الدول. ولا نرى الشرق محتاجاً لشيء أهم من نصحاء مخلصين يبينون طرق الإصلاح الحقة ويغارون على أوطانهم غيرة الحر على حرمه ولا يميلون إلى النفرة وتفريق الكلمة الشرقية والتفاخر بالاقتدار على الكتابة أو بسعة الإطلاع أو كثرة المعارف او التحايل على التقبيح والشتم بعبارات يتخيل الكاتب أنها بعيدة عن الأفكار وهي أقرب لفكر العامي من نعله. فما ضر الشرقيين إلا اختلاف الوجهة واستعمال ألسنتنا العذبة في تحويل أفكار اخواننا عن الوجه الشرقية إلى الوجه الغربية لوقوف المحررين في مقام
المرشدين والوعاظ واعتماد الأمم على أفكارهم ولكن الشرق قريب العهد بالجرائد ويرى في كثير منها أن أمم أوروبا لا تعتمد إلا عليها ولا تسمع إلا نصحها وإنها السنة الأمم هناك والمتكلمة بالرأي العام لكونها تترجم عن حرب أو أمة فاغتر وظن أنها فيه كذلك فانجر خلف كثير منها حتى رأى نفسه على شفا جرف الضياع بضياع كثير من بقاعه فتنبه وأخذ يتبصر في أقوال الجرائد وما تحت عباراتها من الأشراك الخفية التي ينصبها الأُجراء. والعجب أن الأجير إذا صار في حكم الغير بعد أن يتمم له ما استؤجر لأَجله سيق مع الأمة التي أضلها وعد من الأفراد الذين خدعهم وأصبح لا مجد ولا شرف وشر الرجال من ينفق حياته في إفساد أهل بلاده وإغراء الغير بهم طمعاً في ذهب يموت ويتركه فيفنى ويبقى ذكره القبيح خالداً في بطون أوراقه. ومن لنا بتوحيد وجهتنا معاشر الشرقيين وقد نبتت لحوم الأجسام في خدمة الأجنبي فانفعلت لها الأرواح الحاملة لقواها فكلما حولتها عن وجهتها الغربية دارت إليها فهي قبلة مصلاها التي وقفت في محرابها