الحرارة التي تذهب ما هم فيه من برد وسلام. هنالك يتبينون أن أفواه الكتاب الباسمة ما انضمت إلا على نيوب صلٍ يتحين غفلة النائم لينهشه نهشة يسرى منها صمه في جميع الأعضاء. فتراهم يجانبون المحتالين ويفتشون كلام المستعملين آلة بيد الغير ويحذرون من أدلة السوء والخدعة الذي يستميلهم بالتغرير والنفاق. ولو ناقشته في مقاصده لأقام لك الحجة على حسنها واحتياج الحال إليها وأوهمك أن طرق الإصلاح التي تخالف مشربه هي طرق الإفساد والخلل. وهكذا يفعل ويقول غيره عند تخطيئه أو إظهار خفايا رسائله المزخرفة بتلوين العبارة ولا يرجع عن دعواه الخدمة العامة وتكلمه عن الرأي العام وسعيه فيما فيه صلاح الأمة واستقامة أحوالها كدعوى غيره.
كثر الشك والخلاف وكلٌّ ... يدعى الفوز بالصراط السوي
هذه هي حالة فريق من الجرائد في الشرق عربية وافرنجية ترى كل جريدة انها إنما انشئت لخدمة الشرق وأهله وأنها قاصرة على السعي فيما يقدم المعارف والتجارة والزراعة وإنها ترى إلا ما فيه الأصلح للأمة والأولى لها ثم تبين من خلال عبارات بعضها ما تخدع به الشرقيين وتدعوهم إلى الغير. فإذا أظهرت ذلك جريدة أخرى قامت الحرب بينهما على ساق ورأيت كلاً مدفوعاً بيد أجنبية والشرقيون لعدم تبصرهم واغترارهم بالظواهر يطيرون حول الجريدتين وينقسمون إلى قسمين. ولكنهم بعد هذا الاندفاع يحصل عندهم
التبصر ويرجع كل فريق باللائمة على نفسه عندما يرى أن الجرائد شققت عصا الجماعة وفرقت الآراء بتفرق الأهواد. وهذا الذي