وسير المدرسة وافتحوها بالفعل ورتبوا لها الملعمين ووضعوا فيها أبناءهم فجاءهم من تلامذة الأجرة والفقراء سبعون تلميذاً وطالبتهم بزيادة الرواتب فالتزموا توزيع ما يلزم للمدرسة النهارية على أنفسهم حتى صار الواحد منهم يدفع جنيهاً شهرياً وربما دفع أكثر بحسب الضرورات والمشتريات اللازمة للفقراء وقد زرت هذه المدرسة فوجدتها تعلم القرآن الشريف والقواعد الإسلامية واللغة العربية والحساب والجغرافية واللغة الفرنساوية والهندسة وفي قانونها فنون لم توجد لها تلامذة الآن لكون الموجودين فيها كلهم مبتدئو وبامتحان جملة من التلامذة رأيت من نجابتهم وحسن إجابتهم ما حقق لي اجتهاد المعلمين وحسن التفات أعضاء الجمعية الكرام. وقد اعتادت المعية على إحياء ليلة كل سنة تذكاراً ليوم افتتاحها يشخص فيها الأعضاء رواية يختارونها من غير ان يكون دخيل فيهم. فحبذا لو اقتدى الشبان والشيوخ بهذا العمل المبرور وأكثروا عدد الجمعيات العلمية بهذه الصورة فإن تقليل أعضاء الجمعيات اضمن لبقائها إذ تكون الكلمة واحدة والأهواء بعيدة عن التشتت. نعم إن الجمعيات الكثيرة العدد تقوم بأعمال واسعة لا تقوم بها الجمعيات الصغيرة ولكن إذا قامت الصغيرة بالأعمال الابتدائية وسلمت تلامذتها إلى الجمعيات الكبيرة مستعدين لتلقي الفنون العالية كان ذلك من دواعي التقدم بسرعة إذ بكثرة الجمعيات تكثر المدارس فتعم المنفعة وأنا نثني على نشاط أعضاء هذه الجمعية وثباتهم في عملهم وبذلهم ما هم احق به سعياً في منفعة أبناء الوطن وتحصيل ما فاتهم في الصغر ونرجوا الله تعالى أن يثيبهم بقدر نياتهم الصالحة.