وتعرَّض لكل سكير نباذ. فقلنا وماذا ينفع تعرضه هيهات. هل يحيي الإنسان بعد ما مات. على أن من ينصحهم ليسوا أهلاً للنصحية. بل هم أهل للفضيحة. فلم نشعر إلا وقد شدّد النكير. على كل سكير. ثم سل عليهم من قلمه حساماً. فاشعهم آلاماً. فكانوا يتجلدون على سماع أقواله ولكن من باب المكابرة والمجادلة والمحاورة. فصدمهم صدمة جبَّار لا يطاق وسقاهم من كؤوس اللوم كأس المحاق. واتى لهم من باب مزعجاتهم. فعنفهم على لسان زوجاتهم. فولا الأدبار. وركنوا إلى الفرار. وتركوا الخمامير وهي خراب. ينعق فيها البوم والغراب. فكنا نسهر الليل. بالأسف والويل. حيث لا أنيس ولا جليس. وتيقنا أنه لابد (إن شاء الله) من التفليس. ونظرنا لبضائعنا وهي كاسدة. وقد ضاعت منها الفائدة. فعزمنا على الرحيل. كما يرحل الدخيل. ولكن رأينا النديم سكت عنهم من العدد الثاني عشر. حتى الخامس عشر. فاستمطرنا الرواج بعد الكساد. واستعددنا لعوض ما فات غاية الاستعداد. وصرنا تجلب السكارى أصحابنا شيَّاً فشياً. بعد أن كنا نسياً منسياً. وهاهم على قدم الوصول. ونحن على قدم الحصول.
ولكن في المثل. (قالت مالك مرعوبة. قالت من داك النوبة). فنحن خايفون أن يراهم كالأول. فيتعرض لهم في الأستاذ. حتى نبيه بضاعتنا الكاسدة بجواهر عقولهم الفاسدة. وبعد ذلك لا نشتريها. ولا نتجر فيها. بل نتركها هباء منثوراً. ولو كان الربح فيها لؤلؤاً منثوراً. وقد تعهدنا على