مجله الاستاذ (صفحة 369)

أو بتشنيع عليه أو تغري إنساناً بإنسان ليؤذيه ويضره انتقاماً منه أو تجعل نفسك بمنزلة جاسوس لغيرك تنقل له أخبار الغير فإنها حالة مستقبحة عند كل إنسان ومتوليها مسترذل مبغوض لا يكلمه أحد إلا اتقاء شره وحسب الإنسان نقيه أن يعامل بالحسنى دفعاً لشره لا رغبة في ذاته وآدابه. ح. اراك تعلمنا هذه الدروس وغيرك من المعلمين يعلمون علوماً شتى بين ابتدائية وعالية ولكني مع صغر سني أكره بعض الأمور تصدر من بعض الأفاضل فإني كثيراً ما اسمع بعض أناس ممن انتسبوا إلى العلم يسهرون مع أبي فإن ذكر عندهم عالم أو معلم قبحوا سيره وجهلَّوه وعدوا حسناته سيئات وافتروا له ذنوباً وعيوباً ولم يردهم علمهم عن هذا الطريق القبيح فهل المقصود بالتعلم أن يصير الإنسان جراباً ملئ علماً مع عدم تأثير العلم في أخلاقه وإذا كان القصد أن يصير الإنسان بهذه الصورة فأي حاجة للعلم وقد ضاعت ثمرته ولم يمعل العالم بعلمه. ن. إن ما ذكرته ليس أمراً مطرداً في كل فاضل معلم وإنما يوجد فرد أو فردان في كل اقليم تحكم عليه دناءة الأصل وكبر النفس أن يوحد العالمية في ذاته ويجهل غيره ومن اتصف بهذه الصفة تراه ممقوتاً بين الناس مطالباً نفسه بما ليس لهُ بأهل وإلا فإننا لم نر معلماً إلا وهو متحل

بأحسن حلية صاغتها الآداب والمعارف وله أخلاق يعشقها كل من خالطه وعاشره وقد بعد كل فاضل عن ذم الناس والوقيعة فيهم لعلمه قبح هذا الأمر ولتصديه لتعليم الفضائل والتحذير من التلبس بالرذائل فإياك أن تقع مرة ثانية في حق المعلمين الذي هم أرواح الأمم أو أن تقيس الأمة على فرد منها وما حملك على ذلك إلا صغر سنك وعدم اختلاطك بالناس وستكبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015