مزية لا توجد في دين غيره. ولكنه لم يجن من هذا الغرس الجميل ثناءً ولا شكوراً بل هاجمت أوروبا بأجمعها الشام بالنزعات الدينية وخرجت دياره واراقت في كل شبر منه دم إنسان فجلبت الدمار على مسلميه ومسيحييه واسرائيلية وأصبح فارغاً من معدات العمران مُحالاً بينه وبين التقدم بسور الفقر الذي بنته أوروبا بيد التعصب الديني. ومع كل هذه الفتن فإن أصول ديننا توجب علينا حسن معاملة من غايرنا ديناً ومعاشرة الوطني والمستوطن معاشرة المثيل وإن عاملنا بضد معاملتنا له لعدم إكاننا التصرف في أصول ديننا. ولم تكتف أوروبا بتوحيد الدين في بلادها بل عقد الأهالي الجمعيات الدينية وربوا لها أُلوفاً من القسوس وبذلوا لهم الملايين من الذهب وبثوهم في الشرق تحت حماية دولهم ورعايتها فجاسوا خلال افريقيا وآسيا داعين إلى الدين وقد انحدر الشرق في هذا التيار الذي لا مرسى له ولا مرجع إلا توحيد الدين شرقاً وغرباً. وقد اخطأ الشرقيون هذا الطريق فنامت الأمم في زوايا الإهمال وعكفوا على الملاهي يصرفون فيها الذهب والفضة وتركوا العلماء والأحبار والرؤساء يجلسون في المساجد والمعابد والهياكل منتظرين من يقطع البراري والقفاز ليتعلم منهم الدين وقد التزموا الطرق البطيئة وصعبوا على المتعلم طريق الحصول على المعارف ولا نعيبهم بالتقاعد عن جوب الأقطار مع ماهم عليه من الفاقة والحاجة إلى الطريق وجعلوا أموالهم غنيمة لمن لا يستحقها من نائم في نكبة أو شموع لمولد أو نذور لا صرحة حتى من وفق لرصد شيء للتعليم صودر بما لم يكن في حسابه ولهذا تأخرت المعارف في الممالك الشرقية وعمت الجهالة عوامه واقتصر العلماءُ على