والتراكيب الغريبة التي تصح أن تكون دروس إنشاء للمتعلمين فقد جعلتم لكل من أهل العلوم والعامة نصيباً في الإفادة وهي وجهة شريفة شهد لكم بحسنها جموع العقلاء. والضرر الذي يخشى على اللغة لا يأتي إلا من طريق نقل العلوم والتعليم في المدارس ومجامع العلماء باللغة العامية وهذه نقطة لا نصل إليها إلا إذا عاد الكون إلى الهمجية وعودته كذلك محالة فاستعمال اللغة في التعليم والكتب العلمية مجال وإذا استحال ذلك ثبت بقاء اللغة ببقاء الكتب والتعليم ومعلوم أن مدارس التعليم في مصر ثلاثة الأزهر الشريف والمدارس الغراء والأخذ عن كاتب بقعود الطفل معه حتى يتعلم وفي كل واحدة يتعلم التلميذ بالعبارة الصحيحة أو القريبة منها من المستعمل في اصطلاح أهل الدواوين وما دامت هذه الطرق مسلوكة لا يخشى على اللغة شي. على أنك قلت أن المعلمين يعبرون عن القواعد النحوية بعبارات عامية ولم يؤثر تعبيرهم في أصل اللغة ولا في الكتابة بها شيئاً وأنا ممن يقرؤون كتباً كثيرة للمتعلمين وأعبر عما فيها بلغة المتعلم العامية كما يقرأ غيري ولم يتخرج تلميذ بهذه الطريقة إلا على اللغة الصحيحة فإننا نقرب إليه الفهم وننقله من الخطأ إلى الصواب بلغته التي يقدر على فهمها ولا يخفاك إن الموالي والزجل والقوما من فنون الشعر لا تكتب ولا تقرأ إلا باللحن وقد طال العهد عليها وهي مستعملة متداولة ولم تؤثر في اللغة الصحيحة شيئاً لجريان التعليم وإلا نشأت الرسمية على اللغة المنحية وقد كتب كثير من العلماء في الفقه والنحو بل والتفسير بالزجل تسهيلاً للعامة وترويجاً لبضاعة العلوم بين أقسام الأمة. ونحن إلى الآن نكتب كتبنا العلمية باللغة الصحيحة ومنشآتنا الرسمية