فما لنا نتقاعد عن طرق أوروبا النافعة ونسعى في طرق تفقدنا معاشر الشرقيين روابط الجنس واللغة والوطن والدين وما لنا غفلنا عن مبادئ الجمعيات الأوروباوية وسلمنا أولادنا إلى أساتذتها فأعادوهم إلينا متجسبن بجنسياتهم حقيقة وأن شابهونا صورة فنرى المصري
والسوري والتركي والعراقي الذين تعلموا من بادئ أمرهم على أساتذة الفرير والبروتستانت والجزويت صاروا قسماً ثالثاً بين الشرقيين والغربيين اللهجة شرقية والمساعي غربية. فماذا على أغنياء الشرق لو عقدوا الجمعيات الخيرية تحت حماية دولتهم وتفحوا بها المدارس الوطنية وعلموا فيها هذه المبادئ تقليداً لأوروبا وساعدتهم الحكومة بحفظ مشروعهم من السقوط وتسهيل طرق تعميم التعليم وتوسيع نطاق الجمعيات بأعداد محافل الخطابة العلنية العلمية ونشر المطبوعات الأهلية ومكافأة النابغين ومساعدتهم على جنى ثمرة أتعابهم باستخدام أو تسهيل طريق معيشة أو أعانة على صناعة وحفظ الامتيازات للمؤلفين والمخترعين لتنموا الأفكار وتكثر المبتكرات فهذه أوروبا تنادينا:
عني خذوا وبي اقتدوا ولي اسمعوا ... وتحدثوا بغرائبي بين الورى
فضل الجرائد على العامة كفضل المعلمين على القضاة فإن السياسية منها ناقلة للأخبار منبهة على ما فيه النفع العام من أوجه الإصلاح والنجاح مترجمة للعظماء وأعمالهم جامعة للأمة على وحدة بها تعظم الممالك وتتقدم المعارف والإدارة والآداب فلها صوت الحادي أمام الأمة والجرائد العلمية نشرة للفنون مهذبة