التعليم بلفتهم المستعملة في وطنهم فلا تجد فرنسوياً يتعلم بالإنكليزي ولا رومياً يتعلم بالألماني ولا نمساوياً يتعلم بالروسي ولا إيطاليناً يتعلم بالأسبانيولي بل كل دولة تحافظ على لغتها بجعل التعليم بها فتجد جميع الكتب العلمية موضوعة بلغاتهم إلا ما يكون من بعض الكلمات التي تضعها العلماء باللسان اللاطيني أو اليوناناي فإنها تقرأ بين أهل كل لغة باللاطينية أو اليونانية لأنها في حكم الاصطلاح الذي لا يتغير ولكنهم يترجمون المعنى بلغتهم فإذ تعلم التلميذ كلمة أخذ معايناها معها حرصاً على بقا اللغة حية بمعرفة معاني لسان الغير بها. وهذا الذي طالبنا له عقد جمعية علمية والسبب الباعث على المحافظة على اللغة أنها العنوان الجامع للجنسية الحافظ له للتاريخ الداعي لاجتماع الأفراد إذا تفرقت الأمم فالمحافظة على اللغة محافظة على الجنسية بل على الملك وما يشتمل عليه ولهذا لا تميل أية دولة لنقل التعاليم من لغتها إلى لغة أخرى مهما مست الحاجة إليها ولا تعطي شهادة لتلميذ أدى لامتحان في جميع العلوم بغير لغته مهما كان تمكنه من اللغة الأجنبية عن لغته وبهذه الوسيلة حفظت مقاعد الدول وامتازت كل أمة بخصائصها التي حفظتها لها لغتها. وكثيراً ما سمعنا ورأينا أناساً من أوروبا اختلطوا بغير جنسيتهم وتكلموا بلغتهم ثم جاء أبناؤهم من بعدهم وتعلموا بغلة الغير فانسخلوا من جنسيتهم وتجنسوا بجنسية من يتكلمون بلغتهم كما حصل في الألمان الذين تأنجلوا والذين تفرنجوا أيام ثورات الأوسترغوط والنورماندية وغيرهم وما ذلك إلا بترك لغتهم واستعمال لغة الغير التي حكمت بتسليم الذات تبعاً لها ومن مبادئهم تعليم روابط الجنسية وشرفها ووجوب المحافظة عليها فيخرج التلميذ عارفاً بقدر نفسه محباً لأبناء جنسه حافظاً لتاريخ قومه