وردت أفادتكم بتاريخ نمرة وما بها صار معلوم والحال أنه ولو كان لازم النظر في التأثير الذي في هذه الخصوص ولم كان لازم التشبث بهذا الكيفية وحيث الأمر كذلك فالمصلحة لم أخذت حقوقها وأن يكون حاصل في الترتيب خلل فلازم يفادنا عما ترأى وبوقته أجرون مفعول ذلك بالدقة الكافية والحذر من التأخير وهذا إنشاء بالهذيان أشبه.
وكان استعمال اللغة التركية في المخابرات الرسمية من أسباب تقهقر اللغة العربية فإن الدولة العثمانية مدت سطوتها على جميع البلاد العربية ورتبت الدواوين ووظفت فيها الترك فاضطر الأهالي لتعلم اللغة التركية لقضاء أشغالهم عند الحكام بها مخاطبة وكتابة ولم يحصل التفات في المدة السابقة لفتح مدرسة كبرى أو مدارس أولية لتعليم اللغة العربية بل كان الناس يتلقفونها من أفواه آبائهم وأهليهم ولم يبق على الطريقة العربية في مخاطباته إلا الغرب ولذا بقيت فيه اللغة حية ولولا وجود الأزهر بمصر لعدمت اللغة العربية في تلك الفترة وقد أدرك المرحوم محمد علي باشا مصر واللغة في آخر رمق الحياة والمستعمل بين الكتاب عبارات اصطلاحية مستهجنة بخطوط تشبه الرموز والرسم فاقد بينهم ولم يبق من كتب عبارة صحيحة إلا النبهاء والعلماء من أهل الأزهر فاجتهد في تنظيم الأوقاف التي يحفظ إيرادها انتظم الأزهر وهرع إليه الناس من جميع الأقطار حتى عمر بالطلاب
وعيدت إليه دروس في علوم كانت ماتت وتركت الناس طلبها ثم قرب إليه العلماء وخلع عليهم الخلع وأخذ يلاطفهم ويعاملهم معاملة التكريم إظهاراً لشرف العلم وأهله حتى عشقا لناس الأزهر وتهافتوا على طلب العلم فيه ثم أعفى أهله من الجهادية ففر إليه كثير من أبناء الفلاحين