مجله الاستاذ (صفحة 171)

بينهم وكان الغالب على الألسنة لغة قريش فأفرغ كثري من لغاتهم إلى هذه اللغة بالمخالطة والمجاورة والمعاملة والمشاركة في الأعمال الاجتماعية والمجامع الكلامية حتى توحدت اللغة وصار لا يشذ عنها إلا بعض أحياء من اللازمين للعراء أو التائهين في القفاز. فلو تكلمت بعبارة طويلة أمام خبير باللغة لقال لك هذه الكلمة أصلها لتميم وهذه لطي وهذه لهذيل وهذه لجدهم وهذه لحمير وهذه لعذرة وهذه لثقيف وهذه للأزد وهذه لمذحج وهذه لكذا حتى يريك اللغات التي تغلبت عليها اللغة المصرية القرشية وصيرتها من مفرداتها ثم بنتقل العرب للتجارة بين اليمن والعراق ومصر والشام والعجم والروم جرى على ألسنتهم كثير من لغات تلك الجهات وعربوها باصطلاحهم حتى صارت كلمات عربية. وبهذا اتسعت اللغة العربية اتساعاً عظيماً بادئ بدء ولما انتشر الإسلام في العالم ودعت الحاجة إلى استعمال أشياء كثيرة لم تكن العرب تستعملها وتنوقلت أسماؤها عن أهلها وضمت إلى اللغة الأصلية اتسعت اللغة اتساعاً غريباً وكثرت موادها وعز على آحاد الأمة أن يحفظوا كل ما هو من اللغة وبدخول غير العرب في الإسلام وتلقيهم اللغة عنهم قصرت همتهم في درك جميع اللغة وحفظها فصار العالم باللغة إذا تكلم بين المستعربين احتاجوا إلى مترجم يترجم عبارته. كل هذا وألفاظ اللغة صحيحة وعبارات الناس فصيحة فلما عز على المستعربين النطق بكثير من الألفاظ التي لم تساعدهم فطرتهم على النطق بها حرفوها بقدر ما يسهل عليهم لأداء المطلوب بها ولكثرة الداخلين في

الإسلام غير الغرب كثر التحريف واستبدال بعض الحروف ببعض مما يساعد على النطق بها تعود المتكلم عليها في لغته حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015