لله تعالى وهذا أمر لا ريب فيه فإذا كان كذلك كانت هذه العوالم خاضعة لقوة لا تقدر على مقاومتها فهي منقادة لها بحكم القهر والغلبة فهي رقيقة لا تعرف الحرية ولا تقرب منها. ونرى السحاب لا يسير إلا بحكم الهواء عليه فيمشي معه إنيّ سار ولا يمكنه مخالفته فهو عبد للهواء يسير بسيره. وإذا تأملنا حالة الهواء الناتج من دوران الأرض نجده يسير سيراً مستقيماً ما لم تعارضه قوة ثابتة كالجبال والسدود الخلقية فيكون الهواء منقاداً لقوتين قوة دفعه التي بها يسير وقوة الجبال التي تحوله من مجراه إلى مجرى آخر فهو رق لهاتين القوتين. وهكذا بقية العوالم نجدها منفعلة لفاعل قاهر متسلط عليها بالقهر والتسخير. والإنسان وجد على ظهر هذه البسيطة وأخذ يناضل عن الحرية ويدعى البعض أنه حر مطلق التصرف ولو أمعن النظر لوجد نفسه عبداً مقيداً بسلاسل العبودية لا يستطيع فراراً من سلطاتها ليس بينه وبين الحرية وصلة ولا فرق في ذلك بين الغني والفقير والملك والمملوك والصغير والكبير فإن الجميع مستورون في العبودية وهكذا الطيور والحشرات وجميع الحيوان والنبات. فإن قيل إننا لا نجد من الاستعباد شيئاً بل نحن أحرار قلنا أنتم مقيدون بقانون الآداب وعبيد لسلطان العلم أن كنتم علماء وأرقأ للمنكران أن كنتم جهلاء والكل عبد للجوع والعطش والحر والبرد والنوم والسهر والحب والبغضا والحزن والفرح والصحة والمرض وغير ذلك مما يطرأ على الإنسان فأولى بكم أن تنبذوا هذه الأوهام وتتحققوا أن لا حرية في الوجود فما فيه غير عبيد كلما تخلصوا من قيد ارتبطوا بقيد آخر وأن كان هناك من ذاق طعم الحرية خالياً من الطوارئ والعوارض فليأتنا بإنبائه إن كان