فبنوا المباني الشاهقة الجميلة ووسعوا دوائر مُدني إلى حد زاحمت فيه إسكندرية باريس وفاخرت به مصر لندن وعارضت به الهيئة العمومية كثيراً من البلاد التي قطعت الدهور الطويلة في الوصول إلى ما وصلت إليه في قرن. ثم انتقلوا من صور الملابس والطعام والشراب إلى ما هو حسن في اعتقادهم وجميل في مناظرهم. وكل هذه حقوق منحوها بعنايتي بهم وحسن توجهي إليهم فلم أترك حقاً من حقوق المدنية المنتشرة في عالمي الشرق والغرب إلا وقد مكنتهم منه ومنحتهم إياه. وكنت أظن أنهم يؤدون حقوقي الشرعية التي أوجبها عليهم شرع الوطنية وحفظها لي استيلاؤهم على حقوقهم الشخصية والاجتماعية فلما رأيتهم تمادوا في الإغضاء وتغافلوا عن حقوقي التي لعبت بها أيدي الضياع بينهم ناداني لسان عدلكم القويم هلّم هلّم وأبسط دعواك بين أيدي حفظة الحقوق فإنك لا تظلم في حق من حقوقك وها أنا بسطت لسادتي أُمناء الشريعة والقانون ما كان من شأني معهم وبكل احترام وتعظيم أطلب من عدل المجلس الحقي تكليف أبناء بإعطائي حقوقي الشرعية والمدنية وإلزامهم بالمصاريف التي يقتضيها مقام تنفيذ الحكم العدل في أمة تواطأت على أكل حقوق من وفاهم حقوقهم الوطنية والمدنية. هذا والمستعين على رد حقوقه بهذا المجلس العادل من أبنائه الذين أجلسهم على بساط العز الوطن الجامع المسمى بين الأوطان مصر.
المدنية الحاضرة
ثم جلس وقامت المدنية الحاضرة فقالت إن هذا الوطن العزيز ادعى دعوتين الأولى إيفاؤه موكلي حقوقهم والثانية مطالبته بحقوقه منهم. فعن