فرأيتها متصلة الأحزان بالأشجان. وعصفت الرياح واضطربت الأمواج وظهرت الحيتان. فصرخت ثم سقطت إلى الأرض. فلما قامت نحبت ثم قالت: سيدي بك تقرب المتقربون في الخلوات. ولعظمتك سبحت النينان في البحار الزاخرات. ولجلال قدسك تصافقت الأمواج المتلاطمات. أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار. والفلك الدوار والبحر الزخار. والقمر النوار والنجم الزهار. وكل شيء عندك بمقدار لأنك العلي القهار. ثم أنشدت:
يا مؤنس الأبرار في خلواتهم ... يا خير من حطت به النزال
من ذاق حبك لا يزال متيماً ... قرح الفؤاد متيماً بلبال
فقلت لها: عسى أن تزيديني من هذا. فقالت: إليك عني. ثم رفعت طرفها نحو السماء فقالت:
أحبك حبين حب الوداد ... وحباً لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الوداد ... فحب شغلت به عن سواكا
وأما الذي أنت له ... فكشفك الحجب حتى أراكا
فما الحمد في ذا ولا ذاك لي ... ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
ثم شهقت شهقة فإذا هي قد فارقت الحياة (أسواق الأشواق للبقاعي) .
قيل لبعض الحكماء: صف لنا الدنيا فقال: أمل بين يديك. وأجل مطل عليك. وشيطان فتان. وأماني جرارة العنان. تدعوك