ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاديان العين والأثر
لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ال ... أعلى ولا النيران الشمس والقمر
ليرحلن عن الدنيا وإن كرها ... فراقها الثاويان البدو والحضر
عجبت للمرء في دنياه تطمعه ... في العيش ولأجل المحتوم يقطعه
يمسي ويصبح في عشواء يخبطها ... أعمى البصيرة والآمال تخدعه
يغتر بالدهر مسروراً بصحبته ... وقد تيقن أن الدهر يصرعه
ويجمع المال حرصاً لا يفارقه ... وقد درى أنه للغير يجمعه
تراه يشفق من تضييع درهمه ... وليس يشفق من دين يضيعه
وأسوأ الناس تدبيراً لعاقبة ... من أنفق العمر في ما ليس ينفعه
فؤاد بأيدي النائبات مصاب ... وجفن لفيض الدمع فيه مصاب
تناءت ديار قد ألفت وجيرة ... فهل لي إلى عهد الوصال إياب
وفارقت أوطاني ولم أبلغ المنى ... ودون مرادي أبحر وهضاب
مضى زمني والشيب حل بمفرقي ... وأبعد شيء أن يرد شباب
إذا مر عمر المرء ليس براجع ... وإن حل شيب لم يفده خضاب
قال ذو النون بينا أنا أسير على ساحل البحر إذ أبصرت بجارية عليها أطمار شَعرٍ. فإذا هي ناحلة ذابلة. فدنوت منها لأسمع ما تقول.