ممتلئة مياها وبخارات ورطوبات دهنية وما في الأرض موضع شبر إلا وهناك معدن أو نبات أو حيوان باختلاف أجناسها وأنواعها وصورها ومزاجها وألوانها لا يعلم تفصيلها غير الله تعالى وهو صانعها ومديرها ما يسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا يابس إلا في كتاب مبين.
وأما هيئة الأرض فقد اختلف آراء القدماء فيها قال بعضهم: إنها مبسوطة في السطيح وقال بعضهم هي على شكل الترس ولولا ذلك لما ثبت عليها بناء ولا مشى عليها حيوان. والذي يعتمد عليه جماهيرهم أن الأرض مدورة كالكرة. ومن القدماء من أصحاب فثاغورس من قال: إن الأرض متحركة دائماً على الاستدارة والذي يرى من دوران الكواكب إنما هو دور الأرض لا دور الكواكب
348 زعموا أن الشمس إذا أشرقت على الماء حللت من الماء أجزاء لطيفة مائية تسمى بخاراً ومن الأرض أجزاء لطيفة أرضية تسمى دخاناً. فإذا ارتفع البخار والدخان في الهواء وتدافعهما الهواء إلى الجهات وتكون من قدامهما جبال شامخة مانعة ومن فوقها برد الزمهرير ومن أسفلها مادة البخار متصلة فلا يزال البخار والدخان يكثران ويغلظان في الهواء وتتداخل بعضها في بعض حتى يثخن فيتكون منها سحاب مؤلف متراكم ثم إن السحاب كلما ارتفع انضمت أجزاء البخار