تنقطع عند انقطاع مادتها وكل هذه النهار تبتدئ من الجبال وتنتهي إلى البحار أو البطائح. وفي ممرها تسقي المدن والقرى وما فضل ينصب إلى البحار. ثم يرق ويلطف ويتصاعد في الهواء بخاراً ويتراكم منه الغيوم وتسوقه الرياح إلى الجبال والبراري ويمطر هناك ويجري في الأودية والأنهار ويسقي البلاد ويرجع فاضله إلى البحر. ولا يزال هذا دأبه ويدور كالرحا في الصيف والشتاء.
347 الأرض جسم بسيط طباعه أن يكون بارداً يابساً. وإنما خلقت باردة يابسة لأجل الغلظ والتماسك إذ لولاها لما أمكن قرار الحيوان على ظهرها والهواء والماء محيطان بها من جميع جهاتها إلا المقدار البارد الذي جعله الله تعالى مقراً للحيوان. ثم إن الإنسان في أي موضع وقف على سطح الأرض يكون رأسه أبداً مما يلي السماء. ورجله مما يلي الأرض وهو يرى من السماء نصفها وإذا انتقل إلى موضع آخر ظهر له من السماء مقدار ما خفي له من الجانب الآخر. ثم إن البحر المحيط الأعظم أحاط بأكثر وجه الأرض والمكشوف منها قليل ناتئ على الماء على مثال بيضة غائصة في الماء يخرج من الماء محدبها وليست هي مستديرة من الجبال والتلال والودية والأودية والكهوف والمغارات ولها منافذ وخلجان وكلها