الباب الثامن عشر في عجائب المخلوقات

في شرح عجب الموجودات

340 قال القزويني: العجب حيرة تعرض للإنسان لقصوره عن معرفة سبب الشيء أو عن معرفة كيفية تأثيره فيه. مثاله أن الإنسان إذا رأى خلية النحل ولم يكن شاهده قبل تعتريه حيرة لعدم معرفة فاعله. فلو عرف أنه من عمل النحل لتحير أيضاً. من حيث إن ذلك الحيوان الضعيف كيف أحدث هذه المسدسات المتساوية الأضلاع التي عجز عن مثلها المهندس الحاذق مع الفرجار والطرة. ومن أين لها هذا الشمع الذي اتخذت منه بيوتها المتساوية التي لا يخالف بعضها بعضاً كأنها أفرغت في قالب واحد. ومن أين لها هذا العسل الذي أودعته فيها ذخيرة للشتاء. وكيف عرفت أن الشتاء يأتيها وأنها تفقد فيه الغذاء. وكيف اهتدت إلى تغطية خزانة العسل بغشاء رقيق ليكون الشمع محيطاً بالعسل من جميع جوانبه فلا ينشفه الهواء ولا يصيبه الغبار. وتبقى كالبرنية المضممة الرأس بالكاغد. فهذا معنى العجب. وكل ما في العالم بهذه المثابة إلا أن الإنسان يدركه في صباه عند فقد التجربة. ثم تبدو فيه غريزة العقل قليلا قليلاً وهو مستغرق الهم في قضاء حوائجه وتحصيل شهواته وقد انس بمدركاته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015