أعلاه قنة تنقطع عنه وفيها معقل للروم. وبينه وبين الجبل قنطرة ويتصل به في الجبل للروم بلد كبير. وبهذا الجبل الكروم والمزارع. وأعلمنا أن به نحو أربعمائة عين متفجرة. وهو يعرف بجبل حامد والصعود إليه هين من إحدى جهاته. وهم يرون أن منه يكون فتح هذه الجزيرة ولا سبيل أن يتركوا مسلماً يصعد إليه. ولذلك اعدوا فيه ذلك المعقل الحصين. فلو أحسوا بحادثة حصنوا حريمهم فيه وقطعوا القنطرة. واعترض بينهم وبين الذي في أعلاه خندق كبير. وشأن هذا البلد عجيب فمن العجب أن يكون فيه من العيون المتفجرة ما تقدم ذكره. وأطرابنش في هذا البسيط ولا ماء إلا من بئر على البعد منها. وفي ديارها آبار قصيرة الأرشية ماؤها كلها شريب لا يساغ. وألقينا المركبين اللذين يرومان الإقلاع إلى المغرب بها. ونحن إن شاء الله تؤمل ركوب أحدهما وهو القاصد إلى بر الندلس. والله بمعهود صنعه الجميل كفيل بمنعه. وفي غربي هذه البلدة اطرابنش ثلاث جزائر في البحر على نحو فرسخين منها. وهي صغار متجاورة. إحداهما تعرف بمليطة والأخرى بيابسة والثالثة تعرف بالراهب نسبن إلى راهب يسكنها في بناء أعلاها كأنه الحصن وهو مكمن للعدو. والجزيرتان لا عمارة فيهما ولا يعمر الثالثة سوى الراهب المذكور. ثم اتفق كراؤنا في المركب المتوجه إلى بر الأندلس ونظرنا في الزاد والله المتكفل بالتيسير والتسهيل. (لابن جبير) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015