وأحسن مدنها قاعدة ملكها. والمسلمون يعرفونها بالمدينة والنصارى يعرفونا ببرمة. وفيها سكنى الحضر بين من المسلمين.

وبلرمة هذه مسكين ملكهم غليام. وهي احفل مدن صقيلية وبعدها سينة وشأن ملكهم هذا عجيب في حسن السيرة. وهو كثير الثقة بالمسلمين هم اهل دولته والمرتسمون بخاصته وعليهم يلوح رونق مملكته. لأنهم متسعون في الملابس الفاخرة والمراكب الفارهة ومامنهم إلا من له الحاشية والخول والتباع. ولهذا الملك القصور المشيدة والبساتين الأنيقة ولاسيما بحاضرة ملكة المدينة المذكورة وله بمسينة قصر أبيض كالحمامة مطل على ساحل البحر. وليس في ملوك النصارى أترف في الملك ولا انعم ولا أرفه منه. وهو يتشبه في ترتيب قوانينه ووضع أساليبه وتقسيم مراتب رجاله وتفخيم أبهة الملك وإظهار زينته بملوك المسلمين. ولملكه عظيم جداً وله الأطباء والفقهاء وهو كثير الاعتناء بهم شديد الحرص عليهم. حتى إنه متى ذكر له أن طبيباً أو فقيهاً اجتاز ببلده أمر بإمساكه وأدر له أرزاق معيشته. ومن عجيب شأنه المتحدث به أنه يقرأ أو يكتب بالعربية وعلامته على ما أعلمنا به أحد خدمته المختصين به: ألحمد لله حق حمده وبمدينة مسينة المذكورة دار صنعةٍ تحتوي من الأساطيل على ما لا يحصى عدد مراكبه. فكان نزولنا في أحد الفنادق وأقمنا بها تسعة أيام فلما كان ليلة الثلاثاء الثاني عشر لرمضان ركبنا في زورقٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015