المؤمنين يطلبون الأمان على أنفسهم على أن يخرجوا له من المدينة. فأبى ذلك عليهم وأطعمه فيهم ما نقل إليه من شدة عطشهم وكثرة من يموت منهم. فلما يئسوا مما عنده سمع لهم بعض الليالي لغط عظيم وجلبة أصوات. وذلك أنهم أخرجوا أناجيلهم واجتمع قسيسوهم ورهبانهم يدعون ويؤمن باقيهم. فجاء مطر عظيم كأنه القرب ملأ ما كان عندهم من الصهاريج فشربوا وارتو وتقووا على المسلمين. فانصرف عنهم الخليفة راجعاً إلى اشبيلية بعد أن هادن الأدفنش (المراكشي)
330 ومن عجائب مشاهد مصر المشهد العظيم الشأن الذي بالقاهرة حيث رأس الحسين. وهو في تابوت من فضة مدفون قد بني عليه بنيان يقصر الوصف عنه. مجلل بأنواع الديباج محفوف بأمثال العمد الكبار شمعاً بيضاء أكثرها موضوع في أنار الفضة. وحف أعلاه كله بأمثال التفافيح ذهباً في مصنع شبه الروضة. يبهر الأبصار حسناً وجمالاً. وفيه أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعه البديع الترصيع مالا يتخيله المتخيلون. والمدخل إليها من مسجد على مثالها في التأنق. حيطانه كلها رخام. واغرب ما فيه حجر موضوع في الجدار الذي يستقبله الداخل شديد السواد والبصيص يصف الأشخاص كلها كأنه المرآة الهندية. ولتزاحم الناس على القبر وانكبابهم عليه وتمسحهم به وبالكسوة التي عليه مرأى هائل (لشربشي)