أن تنقب على جيرانك حائطهم وحبسه ولم يطلقه حتى غرم بعض المال. ثم خرج من السجن ومضى وهو حردان من المداس وحملة إلى كنيف الخان ورماه فيه فسد قصبة الكنيف ففاض وضجر الناس من الرائحة الكريهة. ففتشوا على السبب فوجوا مداساً فتأملوه فإذا هو مداس أبي القاسم. فحملوه إلى الوالي واخبروه بما وقع. فاحضر الوالي أبا القاسم ووبخه وحبسه وقال له عليك تصليح الكنيف فغرم جملة مالٍ. وأخذ منه الوالي مقدار ما غرم تأديباً له وأطلقه. فخرج أبو القاسم والمداس معه وقال وهو مغتاظ منه: والله ما عدت أفارق هذا المداس. ثم إنه غسله وجعله على سطح بيته حتى يجف. فرآه كلب فظنه دمة فحملة وعبر به إلى سطح آخر فسقط من الكلب على رأس رجل فألمه وجرحه جرحاً بليغاً. فنظروا وفتشوا لمن المداس فعرفوه أنه مداس أبي القاسم. فرفعوا الأمر إلى الحاكم فألزمه بالعوض والقيام بلوازم المجروح مدة مرضه. فنفد عند ذلك جميع ما كان له ولم يبق عنده شيء. ثم إن أبا القاسم أخذ المداس ومضى به إلى القاضي وقال له: أريد من حضرة مولانا القاضي أن يكتب بيني وبين هذا المداس مبارأة شرعية على أنه ليس مني وأني لست منه. وان كلا منا بريء من صاحبه. وانه مهما يفعله هذا المداس لا أؤخذ به أنا. واخبره بجميع ما جرى عليه منه. فضحك القاضي منه ووصله ومضى (لطائف العرب)