ملتها. قالوا: وما غير ذلك. قالت: لاشيء قالوا: فجزدي لنا بشطرها. فقالت: أما الشطر فلا أجود به وأما الكل فخذوه. فقالوا لها: تمنعين النصف وتجودين بالكل. فقالت: نعم لن إعطاء الشطر نقيصة. وإعطاء الكل كمال وفضيلة. فانا امنع ما يضعني وأمنح ما يرفعني. فأخذوها ولم تسألهم من هم ولا من أين جاؤوا. فلما جاءوا إلى عبد الله وأخبروه بخبرها عجب من ذلك. ثم قال لهم: احملوها إلي الساعة فرجعوا إليها. وقالوا لها: انطلقي معنا على صاحبنا فإنه يريدك. فقالت ومن صاحبكم. قالوا: عبد الله بن عباس. قالت: وأبيكم هذا هو الشرف العالي وذروته الرفيهة. وماذا يريد مني قالوا: مكافأتك وبرك. فقالت: أواه والله لو كان ما فعلت معروفاً ما أخذت له بدلاً. فكيف وهو شيء يجب على الخلق أن يشارك فيه بعضهم بعضاً. فلم يزالوا بها إلى أن أخذوها إليه. فلما وصلت إليه سلمت عليه فرد عليها السلام. وقرب مجلسها. ثم قال لها: ممن أنت. قالت: من بني كلبٍ. قال: فكيف حالك. قالت: أسهر اليسير وأهجع أكثر الليل وأرى قرة العين في شي. فلم يك من الدنيا شيء إلا وقد وجدته. قال: فما ادخرت لبنيك إذا احضروا. قالت: أدخر لهم ما قاله حاتم طيء حيث قال:
ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال به كريم المأكل
فازداد عبد الله منها تعجباً. ثم قال لها: لو جاء بنوك وهم جياع ما