فقالوا له: إنه في أشقى حال من الفقر وقد أغلق بابه ولزم بيته. فقال عكرمة الفياض: أفما وجد خزيمة بن بشر مؤاسياً أو مكافيا. فقالوا له: لا. فامسك عكرمة عن ذلك وكان عكرمة في الكرم بالمنزلة العظيمة وقد سمي الفياض لزيادة كرمه وجوده ثم إن عكرمة انتظر إلى أن دخل الليل فعمد إلى أربعة دينار فجعلها في كيس وأمر بإسراج دابته فركبها وخرج سرا من عند أهله وسار ومعه غلام واحد يحمل المال. وكان الليل قد أنصف فلم يزل سائراً حتى وقف على باب خزيمة فنزل عن دابته بعيداً عن الباب وأمسكها لغلامه وأخذ منه الكيس وأتى به وحده إلى الباب وقرعه. فخرج خزيمة فقال له عكرمة وقد نكر صوته: خذ هذا أصلح به شانك. فتناوله خزيمة فرآه ثقيلاً فوضعه وقبض على ذيل عكرمة وقال له: أخبرني من أنت جعلت فداك فقال له عكرمة: ما جئتك في مثل هذا الوقت وأريد أن تعرفني فقال له خزيمة والله لا أقبله ألم تخبرني من أنت. فقال له عكرمة أنا جابر عثرات الكرام. فقال خزيمة: زدني إيضاحاً فقال له عكرمة لا والله وانصرف فدخل خزيمة بالكيس إلى امرأته وقال لها: أبشري فقد أتى الله بالفرج فقومي أسرجي. فقالت: لا سبيل إلى السراج لأنه ليس لنا زيت. فبات خزيمة يلمس الكيس فيجد خشونة الدنانير. ولما رجع عكرمة إلى منزله سألته امرأته فيم خرج بعد هدأة الليل منفرداً فأجابها: ما كنت لأخرج في وقت كذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015