والمريض. وآل حديثهم إلى من كان يجتهد في إيقاد نار الحرب عليهم بزيادة التحريض فقالوا: امرأة من أهل الكوفة تسمى الزرقاء بنت عدي كانت تعتمد الوقوف بين الصفوف. وترفع صوتها صارخة: يا أصحاب علي. تسمعهم كلاما كالصوارم. مستحثة لهم بقول لو سمعه الجبان لقاتل والمدبر لأقبل. والمسالم لحارب. والفار لكر. والمتزلزل لاستقر. فقال لهم معاوية: أيكم يحفظ كلامها قالوا: كلنا نحفظه. قال: فما تشيرون علي فيها. قالوا: نشير بقتلها فإنها أهل لذلك فاقل لهم معاوية: بئس ما أشرتم به وقبحا لما قلتم. أيحسن أن يشتهر عني أنني بعدما ظفرت وقدرت قتلت امرأة قد وفت لصاحبها. إني إذاً للئيم لا والله لا فعلت ذلك أبداً ثم دعا بكاتبه فكتب كتاباً إلى واليه بالكوفة أن: أنفذ إلى الزرقاء بنت عدي مع نفرٍ من عشيرتها وفرسان من قومها. ومهد لها وطاء ليناً ومركباً ذلولاً. فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها وقرأه عليها. فقالت بعد قراءة الكتاب: ما أنا بزائغةٍ عن الطاعة. فحملها في هودج وجعل غشاءه خزا مبطناً. ثم أحسن صحبتها فلما قدمت على معاوية قال لها: مرحباً وأهلاً خير مقدم قدمه وافد. كيف حالك يا خالة وكيف رأيت سيرك. قالت: خير مسير فقال. هل تعلمين لم بعثن إليك. قالت: لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى. قال: الست راكبة الجمل الحمر يوم صفين. وأنت بين الصفوف توقدين نار الحرب