قال: فتبسم الفضل وقال: أمتعني الله بك يا أبا محمد. فقد عوضت من الحزن سروراً وتسليت بقولك. وكذلك يكون إن شاء الله 179 أخبر الصولي قال: عتب المأمون على إسحاق في شيء فكتب إليه رقعه وأوصلها إليه من يده. ففتحها المأمون فإذا فيها قوله:
لاشيء أعظم من جرمي سوى أملي ... لحسن عفوك عن ذنبي وعن زللي
فإن يكن ذا وذا في القدر قد عظما ... فأنت أعظم من جرمي ومن أملي
فضحك ثم قال: يا إسحاق عذرك أعلى قدراً من جرمك. وما جال بفكري ولا أحضرته بعد انقضائه على ذكري (الأغاني) 180 تعذر بعضهم للحرب فقال:
قامت تشجعني هند فقلت لها ... إن الشجاعة مقرون بها العطب
لا والذي منع الأبصار رؤيته ... ما يشتهي الموت عندي من له أدب
للحرب قوم أضل الله سعيهم ... إذا دعتهم إلى نيرانها وثبوا
ولست منهم ولا أهوى فعالهم ... لا القتل يعجبني منهم ولا السلب
181 قال محمود الوراق في هذا المعنى:
أيها الفارس المشيح المغير ... عن قلبي من السلاح يطير
ليس لي قوة على رهج الخيل ... إذا ثور الغبار مثير
واستدرت رحى الحروب بقوم ... فقتيل وهارب وأسير
حيث لا ينطق الجبان من الذعر ويعلو الصياح والتكبير
أنا في مثل هذا بليد ... ولبيب في غيره نحرير