عن العالم بالاستحقاق. فإن أتاك منها ملمة مع جهل. أو فاتك منها بغية مع عقل. فلا يحملنك ذلك على الرغبة في الجهل. فدولة الجاهل من الممكنات. ودولة العاقل من الواجبات. وليس من أمكنه شيء في ذاته. كمن استوجبه بآدابه وآلاته. وأيضاً فدولة الجاهل كالغريب الذي يحن إلى النقلة. ودولة العاقل كالنسيب المتمكن الوصلة.
لا تيأسن إذا ما كنت ذا أدب ... على خمولك أن ترقى إلى الفلك
فبينما الذهب الإبريز مختلط ... بالترب إذ صار إكليلاً على الملك
135 وقال حكيم: ينبغي للمرء أن لا يفرح بمرتبة ترقاها بغير عقل. ولا بمنزلة رفيعة حلها بغير فضل. فلا بد أن يزيله الجهل عنها. ويسله منها. فينحط إلى رتبته. ويرجع إلى قيمته. بعد أن تظهر عيوبه. وتكثر ذنوبه. ويصير مادحه هاجياً. وصديقه معادياً
لا تقعدن عن اكتساب فضيلة ... أبداً وإن أدت إلى الإعدام
جهل الفتى عار عليه لذاته ... وخموله عار على الأيام
(للشبراوي) 136 سئل الأحنف بن قيس عن العقل فقال: رأس الأشياء فيه قوامها وبه تمامها لأنه سراج ما بطن. وملاك ما علن. وسائس الحد. وزينة كل أحد. لا تستقيم الحياة إلا به. ولا تدو الأمور إلا عليه