بلاء وألماً الفقراء. وأعظم الناس تعباً وهماً هم الملوك والأمراء والكبراء. ويقال: لكل شبر قامة من الهم. وقيل:
لقد قنعت همتي بالخمول ... وصدت عن الرتب العاليه
وما جهلت طيب طعم العلى ... ولكنها تؤثر العافيه
وطالما رضيت الملوك والسلاطين. بحال الفقراء والصعفاء والمساكين.
في كل بيت كربة ومصيبة ... ولعل بيتك إن رأيت أقلها
فارض بحال فقرك. واشكر الله الله تعالى على خفة ظهرك. ولا تتعد طورك. وقف عند قدرك. تجد ذلك نعمة خفية ساقها الله تعالى إليك. ورأفة ورحمة أفاضها الله تعالى من خزائن لطفه عليك. فاعتبر بهذه الكلمات. وخذ لنفسك حظاً وافراً من هذه العظات. ومن ذلك أن هارون الرشيد من أعقل الخلفاء العباسيين وأكملهم رأياً وتدبيراً وفطنة وقوة واتساع مملكة وكثرة خزائن بحيث كان يقول للسحابة: أمطري حيث شئت فإن خراج الأرض التي تمطرين فيها يجيء إلي. ومع ذلك كان أتعبهم خاطراً وأشتهم فكراً وأشغلهم قلباً (الأعلام لقطب الدين النهروالي) 99 ولله من قال:
أرى الدنيا لمن هي في يديه ... عذاباً كلما كثرت لديه
إذا استغنيت عني شيء فدعه ... وخذ ما كنت محتاجاً إليه
قال آخر: