بعض السنين. قدم قرية منين. وسكن في بستان. كأنه قطعة من الجنان. فيه فاكهة ونخل ورمان. ففي بعض الأعوام. أقبلت الفواكه بالإنعام. ونثرت الثمار ملابس الأشجار من الأذيال والأكمام. فألجأت الضرورة ذلك الإنسان. أن خرج من البستان. ثم رجع في الحال فرأى فيه أربعة رجال. أحدهم جندي والآخر شريف. الثالث فقيه والرابع تاجر ظريف. قد أكلوا وسقوا. وناموا واتفقوا. وتصرفوا في ذاك تصرف الملاك. وأفسدوا فساداً فاحشاً خادشاً. ومارشاً وناوشاً وناكشاً. فأضر ذلك بحاله. ورأى العجز في أفعاله. إذ هو وحيد. وهم أربعة وكل عنيد. فسارع إلى التأخيذ. وعزم على التفخيد. فابتدأ بالترحيب والبشاشة. والإكرام والهشاشة. وأحضر لهم من أطايب الفاكهة. وطايبهم بالمفاكهة. وسامح بالممازحة. ومازح بالمسامحة. إلى أن اطمأنوا واستكانوا واستكنوا. ودخلوا في اللعب. ولاعبوه بما يجب. فقال في أثناء الكلام: أيها السادة الكرام لقد حزتم أطراف المعارف والطرف. فأي شيء تعانون من الحرف. فقال أحدهم: أنا جندي. وقال الآخر: أنا شيخ القضاة جدي. وقال الثالث: أنا فقيه. وقال الرابع: أنا تاجر نبيه. فقال: والله لست نبيه. ولكن تاجر سفيه. وقبيح الشكل كريه. أما الجندي فإنه مالك رقابنا. وحارس حجابنا. يحفظنا بصولته. ويصون أنفسنا وأموالنا وأولادنا بسيف دولته. ويجعل نفسه لنا