مدة خمسين سنة من دون أن يبدو منها أدنى سبب يكدره. غير أنها في صبيحة ذات يوم من أيام الصيف. وقفت عن الحركة قبل أن يستيقظ أصحاب المحل. فتغير منظر وجهها بسبب ذلك ودهش. وبذلك العقارب جهدها وودت لو تبقى على حالة سيرها الأولى. وغدت الدواليب عديمة الحركة لما شملها من التعجب. وأصبح الثقل واقفاً لا يبدي ولا يعيد. ورامت كل آلة أن تحيل الذنب على أختها وطفق الوجه يبحث عن هذا الوقوف. وبينما كانت الدواليب والعقارب تبرئ نفسه باليمين إذا بصوت خفي سمع من الدقاق بأسفل الساعة يقول هكذا: إني أقر على نفسي بأني أنا كنت علة هذا الوقوف. وسأبين لك سبب ذلك لسكوتكم وإقناعكم أجمعين. والحق أقول إني مللت من الدق. فلما سمعت الساعة مقالته كادت تتميز من الغيظ. وقال له الوجه وهو رافع يديه: تباً لك من سلك ذي كسل. فأجابه الدقاق: لا بأس بذلك يا سيدي الوجه: لا جرم أنك ترضيك هذه الحال. إذ قد رفعت على نفسك كما هو معلوم لدى الجميع. وأنه يسهل عليك أن تدعو غيرك كسلاً وتنسبه إلى التواني. فإنك قد قضيت عمرك كله بغير شغل ولم يكن لك فيه من عمل إلا التحديق في وجوه الناس والانشراح برؤية ما يحدث في المطبخ. أرأيتك لو كنت مثلي في موضع ضنك مظلم كهذا. وتجيز حياتك كلها بين مجيء وذهاب يوماً بعد يوم