أمره أنه إذا كده الجوع عوى فتجتمع له الذئاب ويقف بعضها إلى بعض فمن ولى وثب إليه الباقون وأكلوه. وإذا عرض للإنسان وخاف العجز عنه عوى عواء استغاثة فتسمعه الذئاب فتقبل على الإنسان إقبالاً واحداً وهم سواء في الحرص على أكله. فإن أدمى الإنسان واحداً منها وثب الباقون على المدمى فمزقوه وتركوا الإنسان. وقال بعض الشعراء يعاتب صديقاً مال عنه:
وكنت كذئب السوء لما رأى دماً ... بصاحبه يوماً أحال على الدم
424 (السنور) . حيوان ألوف متملق خلقه الله تعالى لدفع الفأر. وهو يحب النظافة فيمسح وجهه بلعابه. وإذا تلطخ شيء من بدنه لا يلبث حتى ينظفه. وإذا ألف السنور منزلاً منع غيره من السنانير الدخول إلى ذلك المنزل وحاربه أشد محارة وهو من جنسه علماً منه بأن أربابه ربما استحسنوه وقدموه عليه أو شاركوا بينه وبينه في المطعم وإن أخذ شيئاً مما يخزنه أصحاب المنزل عنه هرب علماً منه بما يناله منهم من الضرب. وإذا طردوه تملقهم وتمسح بهم علماً منه بأنه يخلصه التملق ويحصل له العفو والإحسان. وإذا مرّ الفأر على السقف استلقى يحرك يديه ورجليه ليراه الفأر فيسقط من السقف فزعاً. وإذا صاد شيئاً من الفأر يلعب بها زماناً فربما يخليها حتى تمعن في الهرب وظنت أنها نجت. ثم يثب عليها ويأخذها. فلا يزال يخدعها بالسلامة ويورثها الحسرة والأسف ويلتذ بتعذيبها ثم