ووجه حين عليه أثر العبادة وخلفه وأمامه جماعة من الرهبان وبيده عكاز وفي عنقه سبحة. فلما رآه الرومي نزل وقال لي: أنزل فهذا والد الملك فلما سلم عليه الرومي سأله عني. ثم وقف وبعث عني فجئت إليه فأخذ بيدي وقال لذلك الرومي وكان يعرف اللسان العربي: قل لهذا السراكنو يعني المسلم أنا أصافح اليد التي دخلت بين المقدس والرجل التي مشت داخل الصخرة والكنيسة العظمى التي تسمى قمامة وبيت لحم وجعل يده على قدمي ومسح بها وجهه فعجبت من اعتقادهم فيمن دخل تلك المواضيع من غير ملتهم. ثم أخذ بيدي ومشيت معه فسألني عن بيت المقدس ومن فيه من النصارى وأطال السؤال ودخلت معه إلى حرم الكنيسة الذي وصفناه آنفاً. ولما قارب الباب الأعظم خرجت جماعة من القسيسين والرهبان للسلام عليه وهو من كبارهم في الرهبانية. ولما رآهم أرسل يدي فقلت له أريد الدخول معك إلى الكنيسة. فقال للترجمان: قل له لا بد لداخلها من السجود للصليب الأعظم فإن هذا مما سنته الأوائل ولا يمكن خلافه فتركته ودخل وحده ولم أره بعدها ... ولما ظهر لمن كان في صحبة الخاتون من الأتراك أنها راغبة في المقام مع أبيها طلبوا منها الإذن في العودة على بلادهم فأذنت لهم. وأعطتهم عطاء جزيلاً وأجزلت علي العطاء وأوصت بي أحد أمرائها قودعتها وانصرفت. فكان مدة مقامي عندهم شهراً وستة أيام. (تحفة النظار في عجائب الأسفار)