حتى سمع به كل من فيها فقيل: أخذ رجل عنده كنز. واجتمع عليه أهل المدينة صغيرهم وكبيرهم فجعلوا ينظرون إليه ويقولون: ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة وما رأيناه فيها قط وما نعرفه. فجعل تمليخا ما يدري ما يقول لهم مع ما سمع منهم. فلما اجتمع عليه أهل المدينة فرق وسكت ولم يتكلم. ولو قال إنه من أهل المدينة لم يصدق. وكان مستيقناً أن أباه وإخوته بالمدينة وأن حسبه من أهل المدينة من عظماء أهلها وأنهم سيأتونه إذا سمعوا. وقد استيقن أنه عشية أمس كان يعرف كثيراً من أهلها وأنه لا يعرف اليوم من أهلها أحداً.
فبينما هو قائم كالحيران ينتظر من يأتيه من بعض أهله إما أبوه أو بعض إخوته فيخلصه من أيديهم إذ اختطفوه فانطلقوا به إلى رئيسي المدينة ومدبريها اللذين يدبران أمرها. وهما رجلان صالحان اسم أحدهما أرموس والآخر إصطفوس. فلما انطلق به إليهما ظن تمليخا إنما ينطلق به إلى دقيانوس الجبار ملكهم الذي هربوا منه. فجعل يلتفت يميناً وشمالاً وجعل الناس يسخرون به كما يسخرون من المجنون والحيران. وجعل تمليخا يبكي ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إله السماء وإله الأرض أفرغ علي اليوم صبراً وأولج معي روحاً منك تؤيدني به عند هذا الجبار. وجعل يبكي ويقول في نفسه: فرق بيني وبين إخوتي يا ليتهم يعلمون ما لقيت وأين يذهب بي. فلو أنهم يعلمون فيأتون فنقوم جميعاً بين يدي هذا الجبار. فإنا كنا