من أجملهم وأجلدهم. وكان إذا دخل المدينة لبس ثياب المساكين واشترى طعامهم وتجسس لهم الأخبار. فلبثوا كذلك زماناً. ثم أخبرهم أن الملك يتطلبهم. فبينما هم كذلك عند غروب الشمس يتحدثون ويتدارسون إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف. فوقف الملك على أمرهم فألقى إبليس في نفسه أن يأمر بالكهف فيسد عليهم حتى يموتوا جوعاً وعطشاً. وقد توفى الله أرواحهم وفاة النوم. ثم عمد رجلان مؤمنان كانا في بيت الملك فكتبا شأن الفتية وأسماءهم وأنسابهم في رقيم. وجعلاه في تابوت من نحاس وجعلاه في البنيان. وناموا ثلاثمائة سنة وازداد واتسعا وفقدهم الملك وقومهم قال محمد بن إسحاق: وتحزب الناس في ملكه أحزاباً فمنهم من يؤمن بالله ويعلم أن الساعة حق ومنهم من يكذب. فحزن حزناً شديداً لما رأى أهل الباطل. يزيدون ويظهرون على أهل الحق ويقولون: لا حياة إلا الحياة الدنيا. وإنما تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد.
ثم إن الرحمان الرحيم أراد أن يظهر الفتية أصحاب الكهف ويبين للناس شأنهم ويجعلهم آية ليعلموا بها أن الساعة آتية لا ريب فيها. فألقى الله في نفس رجل من ذلك الجبل أن يبني فيه حظيرة لغنمه. فاستأجر عاملين فجعلا ينزعان تلك الأحجار ويبنيان بها تلك الحظيرة. حتى فرغ ما على فهم الكهف. فلما فتح عليهم