فمسك بعنان فرسه وقال: سألتك بالله أيها الأمير أن تضرب عنقي. فبهت فيه عبد الله وقال: أمعتوهٌ أنت. قال: لا ورأس الأمير. قال: فما الخبر. قال: لي خصم ألد قد لزمني وألح وضيق علي وليس لي به طاقةٌ. قال: ومن خصمك. قال: الفقر. فالتفت عبد الله لفتاه وقال: أدفع له ألف دينار. ثم قال له: يا أخا العرب خذها ونحن سائرون. ولكن إذا عاد إليك خصمك متغشماً فأتنا متظلماً. فإنا منصفوك منه إن شاء الله. فقال الأعرابي: إن معي من جودك ما أدحض به حجة خصمي بقية عمري. ثم أخذ المال وأنصرف.
362 ذكر أن سليمان بن عبد الملك خرج ذات يوم إلى الصيد وكان كثير التطير. فبينا هو في بعض الطريق إذ لقيه رجلٌ أعور. فقال: أو ثقوه. فأوثقوه ومروا به على بئر خرابٍ قد تهجم. فقال سليمان: ألقوه في هذه البئر فإن صدنا في يومنا هذا أطلقناه وإلا قتلناه لتعرضه لنا مع علمه بتطيرنا. فألقوه في تلك البئر فما رأى سليمان في عمره صيداً أكثر من ذلك اليوم. فلما رجعوا ومروا على الرجلٍ أمر بإخراجه. فلما وقف بين يديه قال: يا شيخ ما رأيت أسر وأبر من طلعتك. قال الشيخ: صدقت ولكني أنا ما رأيت أشأم من طلعتك علي. فضحك سليمان وأحسن إليه وأمر بإطلاقه.
363 اعترض بعض الأعراب المأمون فقال: يا أمير المؤمنين