وتلك الصينية التي كنت أخذتها بما فيها من الدنانير والبنادق. وأقمت يا أمير المؤمنين مع البرامكة في دورهم ثلاث عشرة سنةً لا يعلم الناس أمن البرامكة أنا أم رجلٌ غريبٌ. فلما جاءتهم البلية ونزل بهم يا أمير المؤمنين من الرشيد ما نزل أجحفني عمرو بن مسعدة وألزمني في هاتين الضيعتين من الخراج مالا يفي دخلهما به. فلما تحامل على الدهر كنت في آخر الليل أقصد خرابات دورهم فأندبهم وأذكر حسن صنعهم إلي وأبكي على إحسانهم. فقال المأمون: علي بعمرو بن مسعدة. فلما أتى به قال له: تعرف هذا الرجل. قال: يا أمير المؤمنين هو بعض صنائع البرامكة. قال: كم ألزمته في ضيعتيه. قال: كذا وكذا. فقال له: رد إليه كل ما أخذته منه في مدته وأفرغهما له ليكونا له ولعقبه من بعده. (قال)
فعلا نحيب الرجل. فلما رأى المأمون كثرة بكائه قال له: يا هذا قد أحسنا إليك فما يبكيك. قال: يا أمير المؤمنين وهذا أيضاً من صنيع البرامكة. لو لم آت خراباتهم فأبكيهم وأندبهم حتى أتصل خبري إلى أمير المؤمنين ففعل بي ما فعل من أين كنت أصل إلى أمير المؤمنين. قال إبراهيم بن ميمون: فرأيت المأمون وقد دمعت عيناه وظهر عليه حزنه وقال: لعمري هذا من صنائع البرامكة فعليهم فابك وإياهم فاشكر ولهم فأوف ولإحسانهم فاذكر. (للاتليدي)