دمشق ومعي نيفٌ وثلاثون رجلاً من أهلي وولدي وليس معنا ما يباع ولا ما يوهب. حتى دخلنا بغداد ونزلنا في بعض المساجد. فدعوت ببعض ثيابٍ كنت أعددتها لأستر بها فلبستها وخرجت. وتركتهم جياعاً لا شيء عندهم. ودخلت شوارع بغداد سائلاً عن البرامكة. فإذا أنا بمسجدٍ مزخرف وفي جانبه شيخٌ بأحسن زيٍ وزينهٍ. وعلى الباب خادمان وفي الجامع جماعةٌ جلوسٌ. فطمعت في القوم ودخلت المسجد وجلست بين أيديهم. وأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى. والعرق يسيل مني لأنها لم تكن صناعتي. وإذا الخادم قد أقبل ودعا القوم فقاموا وأنا معهم. فدخلوا دار يحيى بن خالدٍ فدخلت معهم وإذا بيحيى جالس على دكةٍ له وسط بستانٍ. فسلمنا وهو يعدنا مائةً وواحداً. وبين يديه عشرةٌ من ولده. وإذا بمائةٍ واثنا عشر خادماً قد أقبلوا ومع كل خادم صينيةٌ من فضةٍ على كل صينيةٍ ألف دينار. فوضعوا بين يدي كل رجلٍ منا صينيةً. فرأت القاضي والمشايخ يصبون الدنانير في أكمامهم ويجعلون الصواني تحت آباطهم ويقول الأول فالأول حتى بقيت وحدي لا أجسر على أخذ الصينية. فغمزني الخادم فجسرت وأخذتها وجعلت الذهب في كمي والصينية في يدي. وقمت وجعلت أتلفت إلى وراءي مخافة أن أمنع من الذهاب. فوصلت وأنا كذلك إلى صحن الدار ويحيى يلاحظني. فقال للخادم: ائتني بهذا الرجل.