لك رأيا فيه صلاح لك وأمن لنا. فإن أنت أمنتنا ولم تخفناً فلك علينا في كل يومٍ دابةٌ نبعث بها إليك في وقت غدائك. فرضي الأسد بذلك وصالح الوحوش عليه. ووفين بها له إلى أن أصابت القرعة أرنبا. فقالت للوحوش: إن أنتن رفقتن بي فيما لا يضركن رجوت أن أريحكن من الأسد. فقلن: وما الذي تكفيننا من الأمور. قالت: تأمرن الذي ينطلق بي إلى الأسد أن يمهلني ريثما أبطئ عليه. بعض الإبطاء. فقلن لها: ذلك لك. فانطلقت الأرنب متباطئةً حتى جاوزت الوقت الذي كان يتغدى فيه الأسد. ثم تقدمت إليه وحدها رويداً وقد جاع وغضب. فقام من مكانه نحوها. فقال: من أين أقبلت. قالت: أنا رسول الوحوش إليك بعثني ومعي أرنب لك فتبعني أسدٌ في بعض تلك الطريق فأخذها مني غصباً. وقال: أنا أولى بهذه الأرض وما فيها من الوحوش. فقلت: إن هذا غداء الملك أرسلت به الوحوش معي إليه فلا تغصبنيه. فسبك وشتمك. فأقبلت مسرعةً إليك لأخبرك. فقال الأسد: أو في زمني غاصبٌ انطلقي معي فأريني موضع هذا الأسد. فانطلقت إلى جبٍ فيه ماءٌ غامرٌ صافٍ. فاطلعت فيه وقالت: هذا المكان. فتطلع الأسد فرأى ظله وظل الأرنب في الماء فلم يشك في قولها. ثم وثب عليه ليقاتله فغرق في الجب. فانقلبت الأرنب إلى الوحوش فأعلمتهن صنيعها بالأسد. (كليلة ودمنة)