123 إن غراباً وسنوراً كانا متآخيين. فبينما هما تحت شجرة على تلك الحالة إذ رأيا نمراً مقبلاً على تلك الشجرة التي كانا تحتها. ولم يعلما به حتى صار قريباً من الشجرة. فطار الغراب إلى أعلى الشجرة وبقي السنور متحيراً. فقال للغراب: يا خليلي هل عندك حيلةٌ في خلاصي كما هو الرجاء فيك. فقال له الغراب: إنما تلتمس الإخوان عند الحاجة إليهم في الحيلة عند نزول المكروه بهم. وما أحسن قول الشاعر:
إن صديق الحق من كان معك ... ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك ... شتت فيك نفسه ليجمعك
وكان قريباً من الشجرة رعاة معهم كلابٌ. فذهب الغراب حتى ضرب بجناحه وجه الأرض ونعق وصاح. ثم تقدم إليهم وضرب بجناحه وجه الكلاب. وارتفع قليلاً وتبعته الكلاب. وصارت في أثره فرفع الراعي رأسه فرأى طائراً يطير قريباً من الأرض ويقع فتبعه. وصار الغراب لا يطير إلا بقدر النجاة والخلاص من الكلاب. ويطمعها في أن تفترسه. ثم ارتفع قليلاً. وتبعه الكلاب حتى انتهى إلى الشجرة التي تحتها النمر. فلما رأت الكلاب النمر وثبت عليه فولى هارباً. وكان يظن أنه يأكل القط فنجا منه ذلك القط بحيلة صاحبه الغراب. (ألف ليلة وليلة)