وأحضر جماعة من الأمراء التركمان وبذل لهم الرغائب أن ظفروا بجوسلين وسموه إليه. لأنه علم عجزه عنه في القتال. فجعل التركمان عليه العيون فخرج متصيداً فظفر به طائفة منهم وحملوه إلى نور الدين أسيراً. فسار نور الدين إلى قلاع جوسلين فملكها وهي عين تاب والراوندان ودلوك ومرعش وغير ذلك من أعماله. وفي سنة 548 هجري ملك الفرنج مدينة عسقلان من يد العلوية خلفاء مصر فاستطالوا على دمشق ووضعوا عليها الجزية. وكان صاحبها مجير الدين أنز واهي القوى مستضعف القوة فخشي نور الدين عليها من الفرنج. فكاتب أهل دمشق واستمالهم في الباطن ثم سار إليها وحصرها وملك المدينة. فلحق مجير الدين بمدينة بغداد وأقام بها إلى أن توفي وأما نور الدين فزحف إلى بعلبك واستنزل عنها صاحبها ونازل قلعة حارم وهي للفرنج فرحل عنها ولم يملكها. وفي بعض مسيره كبسه الفرنج وهو نازل في البقيعة تحت حصن الأكراد. فلم يشعر نور الدين وعسكره إلا وقد أظلت عليهم صلبان الفرنج وقصدوا خيمة نور الدين. فلسرعة ذلك ركب نور الدين فرسه وفي رجله السنجة فنزل إنسان كردي فقطعها فنجا نور الدين وقتل الكردي فأحسن نور الدين إلى مخليصه ووقف عليهم الوقوف. وسار نور الدين إلى مجير حمص ولحق به المنهزمون فتوافقت إليه الإمداد فسار إلى حارم وسار وأخذها من الفرنج بعد مصاف جرى بين الفريقين وانتصر فيه نور الدين ودار رحى الحرب عليهم. ثم عزم على منازلة بانياس لقلة حاميتها فحاصرها وضيق عليها ففتحها وشحن قلعتها بالمقاتلة والسلاح. وفي سنة 544 هجري (1159 م) توفي بقدوين صاحب القدس في مدينة إنطاكية (لابن الأثير)

ملك أموي (1159 م) وفاة نور الدين وظهور صلاح الدين

فقام بعده بالأمر أمالريك أخوه. وفي سنة 556 هجري تولى العاضد لدين الله وهو آخر الخلفاء العلويين بالديار المصرية. وكانت دولة العلويين بمصر قد أخذت في التلاشي وصار استبداد وزرائها على خلفاءها. فهرب شاور وزير العاضد صاحب مصر من ضرغام الذي نازعه في الوزارة إلى الشام ملتجئا إلى نور الدين ومستجيرا بهم. وطلب منه إرسال العساكر معه إلى مصر ليعود إلى منصبه ويكون له ثلث دخل البلاد. فتقدم نور الدين بتجهيز الجيوش وقدم عليها أسد الدين شيركوه فتجهز وساروا جميعاً وشاور في صحبتهم. ووصل أسد الدين والعساكر إلى مدينة بلبيس فخرج إليهم أخو ضرغام بعسكر المصريين ولقيهم فانهزم وخرج ضرغام من القاهرة فقتل وخلع على شاور وأعيد إلى الوزارة. وأقام أسد الدين بظاهر القاهرة فغدر به شاور وعاد عما كان وعده نور الدين. وأرسل إلى الفرنج يستمدهم فسارعوا إلى تلبية دعوته ونصرته فلما قربوا مصر فارقها أسد الدين وقدص مدينة بلبيس وجعلها ظهرا يتحصن به. فحصره بها العساكر المصرية والفرنج ثلاثة أشهر وهو يغاديهم القتال ويراوحهم فلم يبلغوا منه غرضاً. فراسله الفرنج في الصلح والعود إلى الشام فأجابهم إلى ذلك وسار إلى الشام. ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015