خرت برت تحيل الفرنج وخرجوا من محبسهم بمداخلة بعض الجند. وسار بقدورين إلى بلده وملك الآخرون القلعة فعاد بلك إليهم وحاصرها وارتجعها من أيديهم ورتب فيها الحامية. وفي سنة 518 هجري أخذ الفرنج يافا وملكوا مدينة صور بعد حصار طويل وكانت للحلفاء العلويين أصحاب مصر. وكان ملكها بالأمان فدخلها الفرنج وخرج المسلمون بما قدروا على حمله من أموالهم. وفي عهد بقدوين ظهر عماد الدين أتابك زنكي بن أنقر وكان أول أمره أن السلطان محمود السلجوقي ولاه على الموصل والجزيرة وديار بكر ثم استقل في ملكه واستولى على الشام وأورث بنيه ملكها. وكانت لهم دولة عظيمة ونشأت عن دولتهم دولة بني أيوب وتفرعت منها. ثم سار زنكي إلى قتال الفرنج وكانوا قد اجتمعوا على حلب وحاصروها فضاق الأمر على أهلها. فلما قرب زنكي من حلب أجفل عنه الفرنج ورحلوا عنها فسلم أهل حلب المدينة والقلعة إليه. ثم اجتمع الفرنج سنة 520 هجري وساروا إلى دمشق ونزلوا مرج الصفر واستنجد طغركين صاحبها أمراء التركمان من ديار بكر وغيرها فجاءوا إليه. وخرج إلى الفرنج والتقى معهم فسقط طغركين في المعترك. فظن أصحابه أنه قتل فانهزم طغركين والخيالة والفرنج في اتباعهم وقد أثخنوا في رجاله التركمان. فلما اتبعوا المنهزمين خالف الرجالة إلى معسكرهم فنهبوا سوادهم وقتلوا من وجدوا فيه ولحقوا بدمشق ورجع الفرنج عن المنهزمين فوجدوا خيامهم وأثقالهم منهوبة فانهزموا أيضاً. فمات بعد زمان ملكهم بقدوين (1131) (لابن خلدون)

فلك (1131 م) بقدوين الثالث (1145 م) حروب زنكي ووفاته

وصار الأمر إلى فلك من زعمائهم وفي عهد سير زنكي عسكرا كثيفا لفتح دمشق فبعث معين الدولة أنز صاحبها إلى ملك الفرنج ليستنجده على مدافعته على أن يحاصر قاشاش فإذا فتحها أعطاهم إياها. فأجابوا إلى ذلك حذرا من استطالة زنكي على دمشق فمحص الله عسكر زنكي فانهزموا. ثم سار معين الدولة مع الفرنج قاشاش فملكها وأعطاها إلى الفرنج كما عاهدهم وكانت لزنكي. فاستحلموا بها الحامية واستبد بها الفرنج. ثم استقام الأمر بعد فلك لبقدوين الثالث (1145) . وفي أيامه مات صاحب الرها فسار عماد الدين إليها فحاصرها ثمانية وعشرين يوما ونقب سورها ونصبوا عليها السلالم وتسلموها وفتحوا البلد عنوة وأفحشوا في القتل والسبي والنهب. ثم نادوا بالأمان فتراجع النصارى إلى البلد فاقروهم في الجزية. ثم أقام زنكي مدة حتى أصلح أسوارها وخنادقها فحسنت عمارتها وأنزل بها الحامية. ثم تسلم مدينة سروج وسائر الأماكن التي كانت بيد الفرنج شرقي الفرات إلا البيرة لامتناعها. ومات زنكي صاحب الموصل سنة 541 هرجي قتله جماعة من مماليكه. وكان عماد الدين زنكي حسن الصورة أسمر اللون مليح العينين قد وخطه الشيب وكان قد زاد عمره على ستين سنة. وكان شديد الهيبة على عسكره. وكان له الموصل وما معها من البلاد وملك الشم خلا دمشق. وكان شجاعاً وكانت الأعداء محيطة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015